تاريخ التخليص الجمركي فى السعوديه
admin
01 September 2019, 02:33 PM
التخليص الجمركي في السعوديه في بداياته لم يكن بها التطور، فقد مرت الهيئة العامة للجمارك السعودية والنظام الجمركي السعودي بالعديد من التطورات حتي وصلت الي ما هي عليه في الوقت الحالي، فالنظام الجمركي السعودي واحد من اقدم واقوي الأنظمة الاقتصادية في المنطقة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، وقد تأثر النظام الجمركي السعودي بالعديد من المواقف والاحداث التاريخية التي ساهمت في تطوره بشكل كبير، كما تأثر أيضا النظام الجمركي السعودي بتطورات الأنظمة الجمركية الأخرى حول العالم.
ومن مظاهر التطور الجمركي في المملكة العربية السعودية وجميع دول العالم ظهور العديد من الوظائف المدنية التي تساهم في تيسير حركة النظام الجمركي، وتعتبر وظائف التخليص الجمركي في السعوديه هي الوظائف الأبرز والأكثر أهمية بين وظائف النشاط الجمركي السعودي حيث يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي لعبور كافة الشحنات والبضائع خلال المنافذ الجمركية.
من الجدير بالذكر أن خدمات التخليص الجمركي في السعوديه يمكن الحصول عليها عن طريق التعاقد مع أي مكتب تخليص جمركي، وتعتمد وظائف التخليص الجمركي في السعوديه علي العديد من اللوائح والقوانين الموضوعة من قبل السلطات التشريعية حيث يقوم المخلص الجمركي بممارسة وظيفته من خلال تلك القوانين والتشريعات حيث يقوم بتقديم كافة المستندات الخاصة بالبضائع ودفع الرسوم الجمركية الخاصة بها الي السلطات الجمركية للإفراج عن تلك البضائع جمركيا والسماح لها بالخروج من المنافذ الجمركية، وبالنظر الي تاريخ التطور الجمركي يتضح لنا اعتماده في كل البلاد وعلي مر العصور علي فرض الضرائب والرسوم الجمركية علي البضائع ويعتبر ذلك هو الغرض الاقتصادي الرئيسي من إقامة النظام الجمركي.
تعتمد الحكومات علي جمع الرسوم والضرائب الجمركية علي الصادرات والواردات بغرض زيادة مركزها المالي نظراً للحجم الكبير لتلك الضرائب المحصلة عن طريق النظام الجمركي، بالإضافة الي الأغراض الأمنية مثل حماية السلع والمنتجات المحلية من منافسة البضائع الأجنبية واحتكارها للأسواق المحلية بالإضافة الي الحماية من عمليات التهريب للبضائع الممنوعة من التداول داخل الأراضي السعودية والبضائع الممنوع خروجها من الأراضي السعودية كالخيول العربية الاصيلة وبعض السلالات الخاصة من الابل.
مراحل تطور التخليص الجمركي في السعوديه
يتضح مما ذكرنا سلفا ان الأنظمة الجمركية تأثرت بالعديد من الاحداث التاريخية التي ساعدت في تقدمه ووصوله للتطور الحالي ومن اهم الاحداث والمواقف التي مرت على الأنظمة الجمركية تلك المواقف الاقتصادية التي تعرضت لها الحضارات والشعوب في العصور القديمة والعصور الوسطي وكان النصيب الأكبر للعصر الحديث في تأثيره على الأنظمة الجمركية.
النظام الجمركي في العصور القديمة:
عرفت الحضارات القديمة النظم الجمركية ولكنها لم تكن بالتطور التي هي عليه الان حيث اقامت الدولة المصرية القديمة مجموعة من القوانين الاقتصادية التي سجلت في البرديات الفرعونية القديمة، كما فرض المصريون القدماء الضرائب الجمركية علي البضائع الواردة من البلاد الأخرى وكان يطلق علي تلك الضرائب اسم المكوس بمعني التقليل والانقاص ويرجع ذلك الي انها كانت تستقطع من البضائع فتنقص من قيمتها.
كانت تقدر قيمة ضرائب المكوس الفرعونية بعشر قيمة البضائع الواردة أي بنسبة 10%، وفي بلاد ما بين النهرين في حضارات بلاد الرافدين تم اصدار بعض التشريعات القانونية والاقتصادية ومن ابرزها التقييم الجمركي والضريبي في قوانين وتشريعات حمورابي، بالإضافة الي قوانين وتشريعات اورنمو التي تم إصدارها من قبل الملك السومري اورنمو مؤسس اسرة اور الثالثة، وتعتبر تلك التشريعات هي التشريعات الاقتصادية والجمركية الاقدم في التاريخ.
قامت حكومات الدولة الاغريقية في اليونان القديمة بفرض الضرائب والرسوم الجمركية علي البضائع المصدرة والمستوردة عند عبورها خلال المنافذ والبوابات الجمركية الموجودة علي جبال بريان، وكانت تستقطع تلك الضرائب بنسبة 2% من اجمالي قيمة البضائع، وفي الدولة الرومانية أيضا تم فرض الضرائب الجمركية خلال العصور الرومانية الاولي وكان يطلق وقتها علي تلك الضرائب اسم رسوم المقاطعة او الولاية.
كان يتم استقطاع ضريبة المقاطعة بنسبة 2.5% من اجمالي قيمة البضائع النافذة خلال البوابات الجمركية الموجودة علي حدود الولايات والمقاطعات. وفي عهد الملك الروماني جوستنيان تم اصدار مجموعة من التشريعات وتم تسجيلها على مجموعة من الالواح سميت بالألواح الإثني عشر، شملت تلك الالواح العديد من التشريعات الاقتصادية والتي اشتملت على كل أنواع الضرائب بما فيها الضرائب والرسوم الجمركية والتي تم إصدارها بغرض مواجهة عمليات التهريب حيث كانت تفرض على تلك الجرائم الكثير من العقوبات.
النظام الجمركي في العصور الوسطي:
العصور الوسطي تعتبر البدايات الحقيقية للنظام الجمركي في منطقة شبه الجزيرة العربية وكانت تلك البدايات في عصر الخلافة الإسلامية في عهد امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث كانت الدولة الإسلامية تعتمد في بداياتها في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه الخليفة ابي بكر الصديق رضي الله عنه علي الزكاة والجزية في التمويل.
في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم فرض الرسوم الجمركية عندما راسله حاكم الكوفة أبو موسي الاشعري ليخبره بان الدول المعادية للإسلام تفرض ضريبة جمركية علي التجار المسلمين الوافدون اليها بغرض التجارة وتقدر تلك الضريبة بعشر قيمة البضائع ويستفسر منه -رضي الله عنه- عن موقف الدولة الإسلامية من هذا التصرف، فجاءه الرد من امير المؤمنين بفرض ضريبة جمركية تسمي ضريبة العشور علي التجار الأجانب الوافدين من البلاد المعادية للدولة الإسلامية وتقدر تلك الضريبة بعشر قيمة البضائع أي 10% منها، بالإضافة الي فرض ضريبة جمركية اخري علي الذميين من التجار بمقدار نصف العشر أي 5% من قيمة البضائع، كما تم فرض ضريبة اخري علي التجار المسلمين ومقدارها ربع العشر أي 2.5% من قيمة البضائع.
بعد اصدار النظام الضريبي الإسلامي (ضريبة العشور) من قبل الخليفة عمر بن الخطاب استمر الاعتماد عليه في الدولة الإسلامية فترة كبيرة جدا حتي ظهور الدولة العثمانية حيث قام العثمانيون بتغيير بعض القوانين الجمركية وإصدار بعض القوانين الجمركية الجديدة حيث تم إعطاء بعض الامتيازات للأجانب بالإضافة الي عقد بعض الاتفاقيات مع الدول الأوروبية والتي أعطت للأجانب الحق بالتجارة داخل الأراضي العربية والإسلامية.
في عام 1740م تم عقد الاتفاقية الفرنسية العثمانية والتي تم بموجبها تخفيض الضريبة الجمركية علي الواردات حتي أصبحت تقدر بنسبة 3% من اجمالي البضائع الواردة، بالإضافة الي زيادة الضريبة الجمركية علي الصادرات حتي وصلت الي 12% من قيمة البضائع المصدرة، وكانت نتائج الاتفاقية الفرنسية العثمانية عير مرضية ابدا حيث تسببت الاتفاقية في تعطيل الوضع التجاري في مصر وتركيا، وبسبب استياء الشعوب والتجار من قرارات تلك المعاهدة تم تغيير بنود الاتفاقية في عام 1761م وذلك عن طريق تقليل الضريبة الجمركية علي الصادرات الي 1% من قيمة البضائع وزيادتها علي الواردات لتصل الي 8% من قيمة البضائع.
النظام الجمركي السعودي في الوقت الحاضر:
تمكن النظام الجمركي السعودي في الأعوام الأخيرة من مواكبة الأنظمة الجمركية المتقدمة في كل دول العالم وذلك من خلال السير علي خطي التطوير الاقتصادي من قبل الهيئة العامة للجامارك السعودية وحكومة المملكة العربية السعودية، وكانت اولي خطوات التطوير الاقتصادي الجمركي السعودي خطوة استحداث ديوان الجمارك السعودي في عام 1345 هجرياً، وبعد ذلك وبعد ذلك في عام 1349 هجريا تم اصدار اول نظام جمركي سعودي معتمد، ومن الجدير بالذكر ان انشاء مجلس التعاون الخليجي واعتماد الاتفاقية الاقتصادية الموحدة في عام 1401ه كانت إحدى المؤثرات القوية التي ساعدت في تطوير النظام الجمركي السعودي.
وكان أيضا لانضمام المملكة العربية السعودية الي منظمة التجارة العالمية في عام 1425ه الأثر الإيجابي الكبير في تطوير النظام الاقتصادي والجمركي السعودي، وفي عام 1423ه تم اصدار النظام الجمركي الموحد بالإضافة الي تطبيق واعتماد الاتحاد الجمركي الخليجي والذي اثمر بالعديد من المزايا مثل توحيد التعريفة الجمركية لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه العالم الخارجي، بالإضافة الي إنشاء قوانين وتشريعات جمركية موحدة تعمل من خلالها دول التعاون الخليجي .
إن من اكبر القرارات المتخذة من قبل النظام الجمركي السعودي والتي ساهمت بشكل كبير في تطوير النظام الجمركي السعودي قرار تحديث استراتيجيات الهيئة العامة للجمارك السعودية وتغيير هويتها وتحويلها من مصلحة حكومية محلية الي هيئة عامة وذلك في عام 1439ه، ولا يمكننا غض النظر ابدا عن نتائج استحداث وتطوير الخطط الاستراتيجية والنظم الإدارية الجمركية في الهيئة العامة للجمارك السعودية، فقد ادي التطوير الحادث في الهيئة العامة للجمارك السعودية الي تعزيز الرقابة علي الصادرات والواردات مما ساعد علي تقليل نسب عمليات التهريب المخالفة للقانون السعودي، بالإضافة الي حماية السلع والمنتجات المحلية من منافسة المنتجات الأجنبية واحتكارها للأسواق المحلية، وقد اثمرت أيضا تلك التطورات عن طريق تيسير وزيادة سرعة خروج ودخول البضائع خلال المنافذ الجمركية السعودية.
أثر اعمال التخليص الجمركي في السعوديه على تطوير النظام الجمركي السعودي:
من الواضح جليا ان التطور الجمركي السعودي قد ادي الي استحداث العديد من الوظائف والمفاهيم الجمركية مثل مفهوم التعريفة الجمركية ووظيفة اعمال التخليص الجمركي في السعوديه وقد عملت وظائف مكاتب التخليص الجمركي في السعوديه علي تسهيل اعمال التجارة الدولية بالإضافة الي تيسير عجلة تطوير الاقتصاد القومي في المملكة العربية السعودية بالإضافة الي زيادة الإيرادات المساهمة في رفع الدخل القومي السعودي.
وقد ساهمت أيضا مكاتب التخليص الجمركي في السعوديه علي تحقيق العديد من جوانب الإستراتيجية الخاصة بالهيئة العامة للجمارك السعودية والتي تهدف الي تحقيق الريادة الإقليمية في المجال الجمركي علي مستوي شبه الجزيرة العربية ودول الشرق الأوسط بشكل عام ، وذلك عن طريق القيام برفع سرعة إجراءات التخليص الجمركي في السعوديه للمصدرين والمستوردين في المملكة العربية السعودية وذلك من خلال قيام المخلصين الجمركيين بإعداد وتقديم كافة المستندات والشهادات والتصاريح الخاصة بالبضائع والشحنات الي السلطات الجمركية السعودية وذلك في اسرع وقت ممكن قبل وصول الشحنات الي المنافذ الجمركية لإنهاء الإجراءات المستندية في اسرع وقت وحتي لا يتبقى في تخليص الشحنة الي إجراءات التفريغ والفحص اليدوي والالكتروني.
ومن المتوقع جدا ان في المستقبل القريب بفضل تعاون الهيئة العامة للجمارك السعودية مع مكاتب التخليص الجمركي سيكون من السهل جدا الافراج الجمركي عن البضائع المصدرة والمستوردة بسرعة فائقة نظرا الي ان السلطات الجمركية السعودية تسعي وراء تقليص المدة المستغرقة في القيام بالإجراءات الجمركية الرسمية للإفراج عن البضائع، وقد تمكنت الهيئة العامة للجمارك السعودية بالفعل من تقليص تلك المدة من 14 يوما الي 24 ساعة فقط من خلال انشائها لمنصة فسح Fasah الالكترونية المعتمدة وذلك بشرط ادخال كل المستندات والشهادات والتصاريح الخاصة بالشحنة الي المنصة الكترونيا قبل وصول الشحنة الي المنافذ الجمركية بفترة لا تقل عن 48 ساعة
وقد عادت منصة فسح الالكترونية علي المجتمع السعودي ككل بالنفع الكبير حيث ساهمت في تعجيل تدفق البضائع دخولا وخروجا الي الأراضي السعودية مما ادي الي زيادة الإيرادات الخاصة ب الهيئة العامة للجمارك السعودية بشكل كبير.