استجابات المملكة العربية السعودية لازمة فيروس كورونا

استجابات المملكة العربية السعودية لازمة فيروس كورونا

admin

19 April 2020, 10:42 AM

يمثل انتشار فيروس كورونا الجديد مخاطر جسيمة في المملكة العربية السعودية، والتي أبلغت عن 2385 حالة وفاة و34 حالة وفاة حتى 5 أبريل، والمملكة هي مركز لعشرات الملايين من العمال والحجاج الأجانب من جميع أنحاء العالم، خاصة في ظل النقص المحتمل في الأطباء وأسرّة المستشفيات، سيكون الحفاظ على الدعم العام أمرًا حاسمًا لاستجابة الدولة والحكومة السعودية.

واستجابة لتلك الازمة الصحية، تصرف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد محمد بن سلمان بسرعة كبيرة، وكان ذلك باستخدام مزيج من الحكم السياسي السعودي القديم العهد والمبتكر حديثًا، فالصفات المزدوجة للحزم والتصميم كانت شعار ولي العهد، وبهذه الروح تصرفت الحكومة السعودية بشكل حاسم مع انتشار فيروس كورونا لتنفيذ تدابير وقائية شاملة وغير مسبوقة تمت الإشادة بها إلى حد كبير.

بدأت المملكة العربية السعودية بالحجر الصحي لمدينة بأكملها وفرضت فيما بعد عمليات الإغلاق المحلية وحظر التجول على الصعيد الوطني الذي يشمل المدينتين المقدستين مكة والمدينة، وقد حوكم منتشرو الشائعات المزعومة، ومروجو الدين، وخارقي حظر التجول، والموردون الانتهازيون، وقد تم استنكار منتهكي هذه الإجراءات من جميع مواطني المملكة وأيضا افراد الحكومة السعودية مع تجمع المواطنين وراء شعار “كلنا مسؤولون”.

على الرغم من أن ولي العهد قلل من ظهوره العلني، إلا أن المسؤولين والمؤيدين يثنون عليه لاستجابته القوية، ومع ذلك، فقد أعطت موجة جديدة من الاعتقالات السياسية تذكرة بالصلة بين “الحزم والتصميم” والقمع.

فيروس كورونا

 

القومية والسياسة الجغرافية للحجر الصحي

 

تقوم الرياض أيضًا بصياغة سرد قومي لتشجيع التزام المواطنين بإجراءات الحجر الصحي المتخذة من قبل الحكومة السعودية ضد ازمة فيروس كورونا وقد أدى هذا التأطير إلى دعوات للأفراد والقطاع الخاص لمساعدة استجابة الدولة والمجتمع المدني، وقد انتشرت ادعاءات عدم الولاء وعدم الامتثال بسرعة، حيث أثرت هذه الادعاءات بشكل خاص على المواطنين الشيعة الذين فشلوا في التقدم بشأن السفر الأخير إلى إيران والذين شكلوا أولى حالات الإصابة في المملكة، لكن سياسات الدولة لكبح الطائفية، مثل العفو عن المواطنين الذين يكشفون عن زياراتهم لإيران والضوابط على المعلومات من مدينة القطيف الشيعية المحاصرة، أحبطت بعض الاتهامات.

ومع ذلك اتهم بيان رسمي إيران بـ “المسؤولية المباشرة” عن انتشار فيروس كورونا في الأراضي السعودية، بينما اتهم المعلقون في وسائل الإعلام وعبر الإنترنت خصوم السعودية وقطر وتركيا بإساءة إدارة الأزمة عمداً.

 

الحجر الصحي

اعتماد الحكومة السعودية للنهج الابوي

 

منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، أدانت النخبة الحكومية الجديدة نموذج الدولة الريعية السابق باعتباره عقبة أمام التقدم الاجتماعي والاقتصادي، ومع ذلك، بالإضافة إلى القرارات الاقتصادية اليومية تقريبًا، فقد تم حشد إجراءات استثنائية تم اتخاذها للتخفيف من تأثير فيروس كورونا على المواطنين السعوديين – من تسهيل عودة أولئك العالقين في الخارج إلى توفير الرعاية الصحية المجانية، والتي تغطي 60 في المائة من رواتب القطاع الخاص، وتوسيع الخدمات الرقمية – دعم عام.

هذه السياسات هي تذكير للمواطنين بأن كونك سعوديًا يعني وجود دولة تعتني بأبنائها وبناتها، وليس فقط دولة توفر “حقوق الإنسان للمواطنين”، قارنت سلسلة من القصص بشكل إيجابي إدارة أزمة المملكة العربية السعودية مع إدارة الديمقراطيات الغربية التي تنتقد سجلها في مجال حقوق الإنسان بينما تفشل في إنقاذ حياة مواطنيها.

جسّد خطاب الملك في 19 آذار / مارس هذا النهج الأبوي الجديد بينما كان يعود إلى عهد الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز، يعامل التأطير الأبوي والإنساني لقرارات الملك الحالية ملايين الأجانب الذين يعيشون في المملكة كجزء من المجتمع السعودي ويدفع مرة أخرى ضد العداء المتزايد تجاه المغتربين والمواطنين المتجنسين الذين يعيشون في المملكة، في حين أن ازمة فايروس كورونا تعزز تجنيس سوق العمل السعودي، فإن المملكة بحاجة إلى امتثال أكثر من 10 ملايين أجنبي – وخاصة الأغلبية الأجنبية من أطبائها – للسيطرة على الوباء وإدارة الحجر الصحي.

إعادة تأهيل المنشأة الدينية في المملكة العربية السعودية

 

جاءت أول قرارات الحكومة السعودية السريعة لإدارة أزمة فيروس كورونا، في مجالها الديني الذي شهد تغييرات كاسحة في العامين الماضيين، ونتيجة لانتشار الفيروس، أغلقت المملكة مؤقتًا أقدس مسجدين للإسلام، وعلقت الحج والعمرة على مدار العام وطلبت من المسلمين في جميع أنحاء العالم تأجيل خطط حجهم السنوي القادم في يوليو كما تم تطبيق قيود أخرى على العبادة الجماعية والأنشطة ذات الصلة، مما أثار مشاعر مجتمع متدين للغاية يؤمن بالقدر والمرسوم الإلهي.

كان الدعم المنتظم من قبل المؤسسة الدينية لهذه القيود ضروريًا ليس فقط لتشجيع الطاعة، ولكن أيضًا لمواجهة الحجج القائلة بأن الأزمة هي استجابة الله لتجاوزات التحرر الاجتماعي، حتى الشرطة الدينية المروضة إلى حد كبير عاودت الظهور بحملتها الخاصة لدعم قرارات الدولة.

تقرير مرحلي مبكر لفترة تفشي العدوى

 

الحكومة السعودية

بناء على خبرتها الفريدة في إدارة الحج السنوي، طمأنت إستراتيجية الحكومة السعودية في إدارة الحجر الصحي وتحجيم انتشار فيروس كورونا في المملكة العربية السعودية، الجمهور السعودي ومنظمة الصحة العالمية، حيث انتهزت الرياض هذه الفرصة لإصلاح صورتها الدولية أمام جميع دول العالم والمنظمات الدولية، فإنها تستعرض نمو خبرتها في مجال الصحة العامة منذ سوء إدارتها لتفشي فيروس ميرس في عام 2012.

وقد تبرعت المملكة العربية السعودية بـ 10 ملايين دولار لمنظمة الصحة العالمية، وقدمت أيضا مساعدات إنسانية للصين، كل ذلك بالإضافة الى المساعدات المستمرة للشعب الفلسطيني، وبصفتها الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، نظمت المملكة العربية السعودية قمة افتراضية في 20 مارس للتنسيق بشأن تفشي فيروس كورونا، لكن حملة المملكة للترويج لجهودها يجب أن تكون واعدة حتى لا تسيء إلى القيمة الحقيقية لجهودها في أعين المجتمع الدولي والجمهور المحلي.

الكثير على المحك بالنسبة للسياسة الداخلية السعودية، إن الأثر الاقتصادي للوباء يضاعف من الانخفاض الذاتي في عائدات النفط، وفقدان الإيرادات من الحج المعلق، ستكون إدارة التوقعات العامة المتزايدة للقيادة حاسمة في الحفاظ على الدعم العام لقيادة الحكومة السعودية عندما يهدأ الوباء، حيث تعد الأزمة أيضًا اختبارًا للتقدم المحرز في رؤية المملكة العربية السعودية 2030، خاصة برامجها لتحويل الخدمات العامة، والحد من البطالة، وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.

ومع ذلك، قد تعوق المخاطر الاقتصادية والسياسية العالمية قدرة ولي العهد على التركيز على مكافحة فيروس كورونا، ينتشر القلق بشأن تأثير سياسة النفط السعودية على إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي بين شركات الطاقة الأمريكية وداخل حزب ترامب الجمهوري، يدرس ترامب الآن خيارات لتهدئة تلك المخاوف، وبالتالي أصدرت المملكة العربية السعودية بيانًا بأنها “ستستجيب لطلباته”، في غضون ذلك كثف الحوثيون في اليمن العمليات العسكرية على مدار الشهر الماضي، واستهدفوا العاصمة السعودية الرياض في 28 مارس / آذار.

إدارة المملكة للأزمة لم تكن خالية من العيوب ولكنها في واقع الامر اثمرت بالكثير من المجهودات التي عادت على المملكة ومواطنيها بالنفع العام، وقد أظهرت أيضا أن البلاد يمكن أن تكون عضوا مسؤولا في المجتمع الدولي عندما تريد وأعادت بناء الجسور مع المواطنين الذين شعروا بغيابهم من موجات التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الأخيرة